الانحلال , الانحراف , النفاق .. إلخ
كلها مصطلحات تؤدي لـ معنى واحد
كلها مصطلحات تؤدي لـ معنى واحد
"American Beauty" فيلم أمريكي حائز على خمس جوائز أوسكار, يسلط لنا الفلم بـ عدسته المجتمع الأمريكي من خلف مظهره الخارجي و ذلك من خلال تناوله لحياة عائلة امريكية يبدو بظاهرها أنها متناغمة و رائعة وذا صورة إيجابية , لكن بعد الغوص بـ داخلها و البعثرة بين سطورها يتضح فحوى تلك العائلة و تزال كل الأقنعة , الفيلم كفيل لـ إيضاح الصورة بـ شكلها الكامل أترك لكم المتابعة ..
هناك نقطتان محوريتان يدور حولهما الفيلم، النقطة الأولى تتجلى في الصراع مع الرقيب المتمثل بالقيم الاجتماعية والضوابط، والنقطة الثانية في تعبير كل من الشخصيات عن هاجس مشترك بينها، وهو أن لا يكون الفرد عاديّاً مهما كان الثمن الذي سيدفعه في سبيل ذلك، وتعبر كل شخصية عن هاجسها ذاك بطريقتها الخاصة. الأب "كيفين سبيسي" الشخص الخاضع لكل أشكال القيود إن كان في عمله في مجلة للإعلانات، أو في بيته مع زوجته المتسلطة "أنيت بنينج" التي تعمل في مجال بيع العقارات، مدفوعة بهوس النجاح على حساب أي شيء، إلا أنه وبعد دخول صديقة الابنة المراهقة في حياة الأب حتى يثور على كل ما حوله من حواجز وممنوع، ويقرر فجأة أن لا يكون عاديّاً، فيتحول إلى إنسان مستهتر، ضارباً باعتراضات زوجته و ابنته عرض الحائط. لتتفكك بعد ذلك الروابط الأسرية، ويتجه كل في وجهة مختلفة عن الآخر. الابنة "ثورا بيرتش"، نموذج خالص للفتاة الأمريكية المراهقة التي تعيش قلقها، ورفضها الدائم لكل من حولها وفي مقدمتهم والداها كالعادة، وتقع الابنة فريسة نزاعات والديها، فتستغل ذلك في عدم خضوعها لسلطتهم لتفعل ما يحلو لها، تحدوها هي الأخرى رغبة التمييز والتفرد. كذلك الحال بالنسبة لصديقة الابنة، التي يدفعها ذلك الهاجس إلى إحاطة نفسها بهالة من الأكاذيب والتي تفضل أن يصبح وصف "رخيصة" مرادفًا لاسمها على أن تكون عادية. أما "هاوِ التصوير" الشخصية التي قام بأدائها بشكل مقنع ومؤثر الممثل الشاب "ويس بنتلي"، حيث لعب دوراً مهمّاً في قلب موازيين العائلة، وكان كاليد الخفية التي تتلاعب بالمصائر دون أن تشارك فعليّاً وبشكل مباشر في ذلك. عبر عدسته الصغيرة التي يصور بها كل شيء من حوله بعد أن يسبغ عليه جمالية معينة انطلاقاً من نظرته كشخص يمتلك رؤية فنية يعبر عنها بالصور، يلتقط المشاهد التي تظهر الكوامن والنزعات الغريبة للناس الموجودين في محيطه، أو تلك التي يستخلص منها الجمال بعدسة مغايرة لعدسة الواقع، كمشهد الحمامة المذبوحة، أو مشهد الكيس الذي يتأرجح في الرياح الخريفية، ممثلاً الذات الإنسانية في قلقها وأهوائها التي تتجاذبها باستمرار في حالة صعود وهبوط ودوران دون أن تستقر على حال وتهتدي إلى مبتغاها. ويتبدى صراع ذلك الشاب في الحالة الفصامية التي يعيشها، شخصية واثقة مما تفعل وتقول مع الناس خارج بيت أسرته، وأخرى خائفة ومترددة وخاضعة لسلطان الوالد صاحب التاريخ النازي الذي يأكله الحنين ليعيش نازيته في رقعة أوسع من جدران بيته ..
يكشف الفيلم عن غياب القيم الاجتماعية الثابتة في المجتمع مما يؤدي إلى توسع الهوة بين الأفراد والجماعات، ويزيد من احتمالات الصراع فكلٌ يدعي امتلاك الحقيقة طالما لا يوجد حقيقةٌ مطلقة يؤمنون بها. "الجمال الأمريكي" يبيِّن إلى حد كبير كيفية إعادة إنتاج المجتمع الأمريكي لقيمه، وتكريسها عبر مواقف أفراده في الاستماتة في الدفاع عما يؤمنون به صحيحًا كان أم خطأ، من قيم الفردية والنزعات الاستقلالية. وفي النهاية يترك الفيلم الخيار لنا في أن نعتبر أن الجمال فعلاً هو في تقبل الحياة كما هي، بأفراحها وآلامها، أو ننظر إلى الفيلم كونه يحمل ملامح السخرية من الجمال الأمريكي الذي على تلك الهيئة..
المصدر : ويكيبديا
تقيمي الشخصي :
8/10
0 التعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.