Barton Fink 1991 [هـ أنا أثرثر مرة أخرى ..!]

سأريكم حياة العقل ..

عندما تقف أمام أي عمل لـ الكوينز فـ شئ طبيعي أن تذهل من إبداعهم , خلقهم و ابتكارهم لـ طريقة صياغة أفلامهم بمفهومهم الخاص عبارة عن عظمة فنية إبتكارية لا متناهية .. كما عهدتهم من لحظة أن تعرفت عليهم و بـ أعمالهم و أنا أرى في ما يقدمونه نوعا من الرونق المميز .
توليفة النص و الحوارات , صناعة البيئة , اختيار لـ الأسماء , طريقة الإخراج .. من المستحيل ألا تعشق ما تراه

"بارتون فينك" فيلم الأخوين كوين أخر من كان في طريقي أثناء مشاهداتي , فيلم أخر من إبداعاتهم الغير متوقفة , من أين تبدأ من هنا أو هناك ! شئ طبيعي أن تحتار عن ماذا تكتب لأنك ستقع في حالة إذهال تجعلك -متسمر- أمام العمل ..
قصة عميقة بـ عناصر عديدة تفنن الكوينز في بلورتها بشكل مميز , تدور أحداث العمل حول كاتب شاب نجحت مسرحيته في أول ظهور له , يُعرض عليه الذهاب لـ هوليود لكتابة فيلم لكنه متردد نحو هذه الخطوة و لا يريد الاستعجال فيها حتى يصل لمعنى النجاح بمفهومه الخاص (سأكون قد حرمت نفسي من معين النجاح الذي لا ينضب .. العامة) .. لكنه بنهاية الأمر يرضخ للعرض ويبدأ في رحلته الجديدة التي ستبدأ معها قصة الفيلم الحقيقة . ينطلق بارتون لـ لوس أنجلوس فـ يستأجر غرفة بأحد الفنادق التي ستكون بيئته المحيطة أثناء كتابته لـ عمله القادم , من بداية أن وطأت قدمه أرض الفندق و هنالك أمر مريب و غريب فيما حوله , حتى الأجواء تشعرك بـ نوع من الغموض كأنك بـ بيت من الأشباح , غرفة سيئة لا يوجد بها الكثير من الأثاث سوى تلك الصورة الملفتة "التي تحمل معاني عدة و مبهمة" , حتى نزلاء الفندق لا أثر لهم سوى رؤيتنا لـ أحذيتهم و سماع صرير بسيط يعبر عن حياتهم الكئيبة و القاتمة ما بين شهوة و بكاء .. الحرارة و الرطوبة العالية عنصر مهم من عناصر بيئة الفيلم التي كانت لها ارتباط بـ نمط شخصيات العمل الرئيسية , كل شئ في محيط القصة يبدو ملفت و جاذب للترقب ..
تتبلور القصة حول عدم إمكانية بارتون في معرفة كيفية البدء بـ السيناريو في أول تجربة له بـ مجال السينما , مع ذلك يحاط بارتون بعدة عوامل أكملت التشتت الذي يدور فيه , حيث جاوره بـ الغرفة التي بجانبه جار جعل للقصة جوها الخاص الذي لا يمكن الإفصاح عنه بين هذه السطور لكي لا تفقد مجريات الأحداث رونقها الخاص . نجح الكوينز في صنع تلك البيئة المثيرة التي احتوت سيناريو العمل و أجوائه في إطار متقن الإبداع , و طرز العمل بتفصيل برافكت ..

فيلم حمل بين طياته عناصر النجاح التي جعلت منه قيمة فنية مميزة بمستواه , و تمكن الكوينز من خلق صورة إيجابية فيما قدموه  .. سيناريو مميز رغم قصر المدة التي تمت كتابته فيه -ثلاث أسابيع فقط!- , المشاهد الحوارية من أكثر العناصر التي شدت انتباهي , الشخصيات التي أدت تلك المشاهد أرى بأنه تم اختيارها بعناية فائقة الدقة , حتى أبسط الأدوار تُدهش المتابع بطريقة صياغتها للمشاهد الحوارية , صاحب شركة كابيتول للحظة أحسست بأني أرى دي نيرو أثناء حوراته .. وذلك المدعو تشارلي غريب الأطوار سيفاجئنا لاحقا بما خلقه لنا من صورة عن طبيعته الغريبة و كيفية تقمصه لتلك الشخصية بـ تمكن ملفت , لا أنسى شخصية الفيلم الرئيسية التي دارت أحداث العمل حولها و كيفية احتوائه لتلك الشخصية بمستوى عالي التمكن ..
طريقة التصوير و اختيار الزوايا  ستلحظون مدى براعتها بكل مشهد من مشاهد الفيلم و سـ تصل لذروتها الحقيقية في هذا المشهد هنا , عنصر الإخراج المميز لا أجد الكلمات التي تعبر عنها بشكل دقيق سوى القول بـ أنكم سترون عظمة إبداع الكوينز ..

عمل ينصح متابعته بـ أقرب فرصة لمن فاته ..

على الجانب :- [أنا مبدع .. أقتات على الابداع , أنا مبدع .. عقلي هو زيي الرسمي]
لا تنسوا محاولة تفسير المشهد الأخير بـ الفيلم , مشاهدة ممتعة ..

تقييمي الشخصي :
8.5/10