Oldboy 2003 [احذر لسانك أيها الإنسان]

بالرّغم من أننيّ أسوأ حتّى من حيوان
لكن أليس لدي حق للعيش؟

خمسة عشر عاما من الاحتجاز .. لا سبب مفهوم ولا وجيه ، خمسة عشر عاما بـ غرفة مغلقة لا جليس سوى ذاك التلفاز و تلك الوجبة نفسها التي تمر عليه يوميا , بـ بادئ الأمر يُعتقد أن الأمر سيستمر لـ عدة أسابيع أو شهور فقط لكن تمر السنين تلو السنين إلى أن أصبحت خمسة عشر و أنا لا أدري مـ السبب .. تُخلق تلك الحالة النفسية التي يتسأل فيها أوه دايسو -بطل فلمنا- عن السبب و يسترجع ماضيه لعله يجد السبب عبر كونه من الممكن أنه ارتكب خطأ و هذا انتقام منه , تكثر التساؤلات في عقله مـ السبب الذي جعلني أُحتجز فجأة في ليلة ممطرة من أمام كبينة اتصال ! ماذا اقترفت و ماذا فعلت ! مجرد رجل عابث سكير تعتقله الشرطة من فترة لـ أخرى بسبب أذيته و مشاكله البسيطة لكن هل تلك المشاكل كفيله لـ جعله يُحتجز كلَ تلك الفترة !

ترسخت في مخليته تلك الفكرة التي من المؤكد أنه سـ تترسخ في مخيلة أياً منا إذا وضِعنا في موقفه ألا وهي فكرة الإنتقام من الشخص الذي كان السبب , ستطغى تلك الفكرة بكل لحظة في مخيلته و هو بين تلك الجدران الأربع و لن يهدئ له بال .. فجأة بعد خمسة عشر عام يتم إخراجه من ذاك الاحتجاز دقيقة لم أستوعب ! ما الذي جعله يُخرجني بعد كل تلك المدة ؟ ما سببه ؟ خمسة عشر عاما من الاحتجاز و فجأة يتم إرجاعي لـ ذاك العالم ! تساؤل آخر ينضم لـ تساؤلنا الماضي و هو ما الذي جعله لـ يحررني بعد كل تلك الفترة إضافة لـ تساؤله القديم مـ سبب هذا الاحتجاز طوال تلك الفترة , بـ هذه التساؤلات التي يبحث فيها أوه دايسو عن إجابات قبل أن يحقق مراده و هو الانتقام ممن فعل به ذلك أترك الدفه لـ مشاهد الفيلم لـ توضح لكم بقية حكاية الأحداث .

فكرة الفيلم و سيناريو أحداثه التي خلقت مزيج من الغموض و التشويق و الترقب أعطته صورة مميزة و فريدة من نوعه , تميز الفيلم بـ عناصر عدة لـ يصبح بذاك الثقل الفني الكبير , هذا الإنطباع المبني حوله لم يأتي بسبب كونه أسيويا و إستطاعته التفوق على من هم في نفس بيئته بل بـ سبب أنه تجاوز تلك المرحلة و وصل لـ درجة أنه أصبح ذا ثُقل فني على مستوى عالمي و لـ مراحل مختلفة من العقود السينمائية , كَوُنَ ذاك الطابع الخاص به و تلك الفكرة الفريد بها ..
لو تنقلنا من عنصر لـ آخر في حديثنا لنرى ما الذي جعله مميزا لـ نبدأ بـ السيناريو المبتكر و المتماسك ذاك السيناريو الذي صنع بـ أحداثه تلك الدراماتيكية في أجوائه لـ يبدأ في خلق تساؤلات .. مـ سبب ذاك الاحتجاز كل تلك الفترة ؟ و من ثم ينقلنا لـ تساؤل آخر مـ سبب تركه له بعد كل تلك الفترة ؟ و من ثم وضعنا في إطار البحث عن إجابات لـ تلك التساؤلات و جعل الخيار لنا في تخيل كيفية الإنتقام الشديد لـ أوه دايسو من ذاك الشخص الذي كان وراء كل ذلك .. لكن ما نلبث بـ آخر الفيلم إلا ونجد أن كل تلك الأحداث كانت انعكاس لـ بطلنا أوه دايسو .. لا يمكن الحديث أكثر من ذلك لأن رونق العمل مرتكز بدرجة كبيرة على السيناريو . ننتقل لـ نقطة الأداء المقدم في العمل لنجد ذاك الإتقان المؤدى من كل طرف بداية بمن أدى بطولة العمل الممثل Min-sik Choi بـ شخصية أوه دايسو تلك الشخصية التي استطاع Min-sik Choi الاندماج بها في كل تفاصيلها , من ذاك الرجل التافه السكير و من ثم الرجل الذي يبحث عن إجابات إلى ذلك الرجل الباحث عن الإنتقام و صولا لـ ذاك الرجل الذي اكتشف الحقيقة و تنتابه تلك الحالة الغريبة التي تتخالط فيها ردات فعله لـ نجد تلك الشخصية التي قدمت دورها بكل تقنية عالية و مميزه التي لن يستطيع أي شخص نسيان ملامحها , تاليا ننتقل لـ شخصية ميدو التي قدمتها الشابة Hye-jeong Kang بكل تلقائية و بساطة استطاعت من خلال أداءها ترك بصمة جميلة على العمل .. انتقالا لـ شخصية  لي ووجين ذاك الشخص الغامض الشرير الذي تدور حوله تساؤلات عدة قام بـ دوره الممثل Ji-tae Yu بشكل ملفت ..
انتهينا من نقطة السيناريو و الأداء لـ نذهب لعنصر التصوير العالي الحرفية بـ قدرته المميزة في طريقته بـ التصوير التي كانت بـ إبداع Jeong Jeong-hoon , لا أنسى تلك الموسيقى الرائعة الجمالية التي تختلط بكل المشاهد و كأنها تلامسها و تمتزج معها لتكون ركيزة أساسية في ظهور المشهد بـ هذا الرونق .. موسيقى جعلتني أنسجم معها
مع كل تلك العناصر المميزة لابد أن يكون هنالك شخص استطاع إدارة كل تلك الكمية الرفيعة في تقنيتها بـ داخل مكنونه بـ طريقة إبداعية و كان ذلك المخرج Park Chan-wook الذي ترك بصمة واضحة و جلية في العمل المقدم ..

فليم رائع حمل الكثير و الكثير بـ طياته و من المؤكد أنه أعجب و سـ يعجب الكثيرين
بدرجة أو بـ أخرى , مشاهدة ممتعة ..

تقيمي الشخصي :
8,5/10